الجمعة، 25 أكتوبر 2013

المبادئ الأساسية للطاقة الحرارية


§         الحرارة شكل من أشكال الطاقة
تصاحب عمليات التدفئة و التبريد و الإضاءة بالمباني إضافة أو إزالة كميات من الحرارة. و لذلك لا غنى عن فهم المبادئ الأساسية لإنتقال الحرارة و تخزينها من أجل تصميم مباني عديمة الإستهلاك للطاقة، أو على الأقل مباني موفرة للطاقة.
إن الحرارة هي شكل من أشكال الطاقة التي لها أهمية خاصة عند المنشغلين بتصميم المباني. و يتم التعبير عنها في الولايات المتحدة الأمريكية بالوحدة البريطانية الحرارية (Btu)، و في باقي دول العالم بوحدة الجول (J). و طبقاً للتعريف فإن الوحدة الحرارية البريطانية هي كمية الحرارة المطلوبة لرفع درجة حرارة واحد رطل من المياه واحد درجة فهرنهايت. و تتدفق الحرارة من المناطق ذات درجات الحرارة المرتفعة في إتجاه المناطق ذات درجات الحرارة المنخفضة. و الإستثناء الوحيد يحدث عند إستخدام طاقة ميكانيكية "لضخ" الحرارة في الإتجاه المعاكس. فبدون وجود فرق في درجات الحرارة لا يمكن أن تنتقل الحرارة إلا بإستخدام طاقة ميكانيكية لضخها.  
إن الطاقة الحرارية من الممكن أن تظهر في صورة حرارة محسوسة أو حرارة كامنة، و تنتقل الحرارة بالتوصيل و الحمل و الإشعاع و أثناء تغير حالة المادة (سائلة، و غازية، و صلبة). فماذا يعني كل مصطلح من هذه المصطلحات؟
 
شكل 10-1 أن الحرارة تنتقل من درجة الحرارة المرتفعة إلى درجة الحرارة المنخفضة إلا عند إستخدام طاقة ميكانيكية.
الحرارة المحسوسة و الحرارة الكامنة
إن الحرارة المحسوسة عبارة عن حرارة جافة. و هي نتيجة الحركة الإهتزازية لجزيئات المادة. و درجة الحرارة هي مقياس متوسط كثافة الحركة الإهتزازية لجزيئات المادة، و يتم حسابها بالدرجات بإستخدام وحدات الفهرنهايت (F)، أو المئوية (C)، أو الكلفن (K). فعادة يتم إستخدام وحدات الفهرنهايت في الولايات المتحدة الأمريكية، و الوحدات المئوية (C) أو الكلفن (K) في باقي بلاد العالم.
تتحرك جزيئات المواد التي درجة حرارتها أكبر من الصفر المطلق (-459.69°F، أو -273.15°C، أو 0°K) تتحرك حركة إهتزازية، و بالتالي تحتوي على مقدار من الحرارة. و كلما زادت سرعة الحركة الإهتزازية ترتفع درجة الحرارة المقاسة ، مما يعني أنه كلما أرتفعت درجة حرارة الأجسام كلما زادت كثافة حركة جزيئاتها الإهتزازية.
إن مقدار الحرارة التي تحتويها المادة لا يعبر عنها فقط إرتفاع درجة الحرارة. فكمية الحرارة دالة في درجة الحرارة و كتلة المادة. فمن الممكن أن تحتوي كتلتين لهما نفس الحجم و درجة الحرارة على كميات مختلفة من الحرارة، و يتوقف ذلك على مدى كثافة المادة، و بالتالي كتلتها. فكتلة الحجر تحتوي على مادة أكبر من التي تحتويها كتلة مصنوعة من ورق الكرتون أو الستايروفوم و إن كان لهما نفس الحجم.
إن الحرارة الكامنة هي الحرارة التي إمتصتها أو تخلصت منها المادة أثناء تحول حالتها من الحالة الصلبة إلى الحالة السائلة، أو من الحالة السائلة إلى الغازية، أو العكس. و كما تم بيانه سابقاً، فلكي يتم رفع درجة حرارة 1 رطل من المياه 1°F لابد من إضافة كمية من الحرارة مقدارها 1Btu. فإذا أضفنا كمية من الحرارة مقدارها 50Btu إلى واحد رطل من المياه درجة حرارتها 100°F فإن درجة حرارتها سوف ترتفع 50°F. فالعلاقة بين درجة حرارة المياه و محتواها الحراري مباشرة و واضحة. و هذه العلاقة صحيحة في كل الحالات فيما عدا نقطة تحول حالتها.
إن كسر الروابط الجزيئية للمياه و تحويل جزيئاتها من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية يتطلب كمية كبيرة من الطاقة. فعندما تصل درجة حرارة المياه إلى درجة الغليان (212°F) نجد أن إضافة مزيد من الحرارة لا يؤدي إلى رفع درجة حرارتها حتى يتم إمتصاص مقدار من الحرارة لا يقل عن 970Btu. و عندما تتبخر المياه في الهواء (بدون إضافة كمية من الحرارة للمياه لزوم التبخر) فإن درجة حرارة الهواء تنخفض بينما محتواها من الرطوبة يرتفع. فمقدار الحرارة الكلي يظل ثابتاً، إلا أن مقدار الحرارة الذي تم سحبه من الهواء على شكل إنخفاض في الحرارة المحسوسة قد تم إعادة إضافته على شكل حرارة كامنة يحملها بخار المياه.
إذا تم تبريد رطل من المياه درجة حرارتها 100°F فسوف يتطلب ذلك إزالة كمية من الحرارة مقدارها 1Btu لكل إنخفاض في درجة الحرارة مقداره 1°F حتى تصل درجة حرارتها إلى 32°F. و عند هذه النقطة لابد من إزالة كمية من الحرارة مقدارها 144Btu حتى يتحول 1 رطل من المياه إلى الثلج. و بالتالي فإن الحرارة الكامنة لإنصهار المياه مقدارها 144Btu.
إذا تكثف بخار الماء مرة أخرى و تحول إلى سائل فإن الحرارة الكامنة التي قد إمتصها من الهواء خلال عملية التبخر يتم إنطلاقها مرة أخرى إلى الهواء على شكل حرارة محسوسة. فيمكن عن طريق تبخّر و تكثّف السوائل - سواءً أكانت مياه أو أي شكل من أشكال مركبات التبريد - إنتقال الحرارة من مكان إلى آخر. فإمتصاص الحرارة الكامنة و إنطلاقها خلال تغير حالة المادة هي أساس عمل أنظمة التدفئة بالبخار و أنظمة التبريد. كما أن إمتصاص الحرارة المحسوسة من الهواء خلال عملية الترطيب هي ما تقوم عليه أنظمة التبريد التبخيري، و التي سوف نناقشها لاحقاً في هذا الفصل. فضلاً عن أن إنتزاع الحرارة الكامنة عن طريق أنظمة التحكم في الرطوبة هي عملية في غاية الأهمية لأنظمة تكييف الهواء.
إنتقال الحرارة
يوجد أربعة وسائل أساسية لإنتقال الحرارة بالمباني: التوصيل، و الحمل، و التبخير، و الإشعاع.
إنتقال الحرارة بالتوصيل
إذا تلامس جسمين لهما درجات حرارة مختلفة تلامساً مباشراً يؤدي إلى إنتقال الحرارة بينهما بالتوصيل. فالجزيئات ذات الترددات السريعة بالجسم الحار تصطدم بالجزيئات البطيئة بالجسم البارد. و نتيجة لذلك الإصطدام فإن الجزيئات السريعة سوف تنخفض سرعتها و يبرد الجسم الحار، بينما الجزيئات البطيئة سوف ترتفع سرعتها و يسخن الجسم البارد.
لابد أن تكون جزيئات المادة بالقرب من بعضها البعض حتى يصبح إنتقال الحرارة بالتوصيل فعّال. و عملياً فإن إنتقال الحرارة بالتوصيل يتم بين الأجسام التي تلامس بعضها بعضاً. و نظراً لأن جزئيات الغازات نادراً ما تكون كثيفة، فإن الهواء لا يُعتبر موصل جيد للحرارة.
إن قيمة U (أو معامل U) يشير لمعدل إنتقال الحرارة بالتوصيل خلال المواد. و في الولايات المتحدة الأمريكية يتم التعبير عن قيمة U بالوحدات الحرارية البريطانية لكل ساعة لكل قدم مربع لكل درجة فهرنهايت (Btu/h.ft2.°F). و يتم التعبير عنها في النظام المتري بوحدات الوات لكل متر مربع لكل درجة كلفن (W/m2.K).
إذا كان الهدف من تصميم المباني هو الحد من إنتقال الحرارة بين البيئة الخارجية و الداخلية فمن الأفضل إستخدام قيم U منخفضة، و ذلك حيث أنها تعبر عن معدلات إنتقال حرارة منخفضة. و يتم التعبير عن القيمة العازلة لمواد البناء، أو قدرتها على مقاومة إنتقال الحرارة بمقلوب قيمة U و يطلق عليها قيمة R. و كلما إرتفع مقدار R، كلما زادت قدرة المادة على مقاومة إنتقال الحرارة و تحسنت قيمتها العازلة.
إنتقال الحرارة بالحمل
الصورة الثانية لإنتقال الحرارة هي إنتقال الحرارة بالحمل. فعندما تمتص الموائع (السوائل و الغازات) الحرارة تتمتد و عندما تفقد الحرارة تنكمش. و عندما تتمدد المواد تقل كثافتها و يقل تأثرها بالجاذبية الأرضية. و بالتالي تتحرك الموائع بشكل طبيعي إلى الأعلى، فتخلق تيارات حمل تنتقل الحرارة من خلالها.
إن الحمل الحر ينقل الحرارة من أسفل إلى أعلى داخل الفراغات المعمارية المغلقة. و يحدث الحمل القصري عندما يتم تحريك الهواء بمروحة أو بقوى الرياح، أو عندما يتم تحريك المادة السائلة بطلمبات.
إنتقال الحرارة بالإشعاع
الصورة الثالثة لإنتقال الحرارة هي إنتقال الحرارة بالإشعاع. و تنتقل الحرارة بالإشعاع خلال الفراغ أو الهواء. و كل المواد التي درجة حرارتها أكبر من الصفر المطلق ينطلق منها و تمتص طاقة كهرومغناطيسية عن طريق الإشعاع.
 
شكل 10-2 آلية إنتقال الحرارة: يوجد ثلاثة وسائل أساسية لإنتقال الحرارة و هي التوصيل، و الحمل، و الإشعاع. أما التوصيل فيحتاج إلى تلامس مادي مباشر. و الحمل يحتاج إلى حركة مائع مثل الهواء أو الماء. و الإشعاع يحدث بين الأسطح.


إن تردد الموجات الكهرومغناطيسية التي تشعها الأجسام مرتبط إرتباطاً مباشراً بدرجة حرارتها. و كلما إرتفعت درجة حرارة الجسم كلما حملت الموجات الكهرومغناطيسية ذات الاطوال الموجية الصغيرة طاقة حرارية أكبر. و حيث أن درجة حرارة الشمس مرتفعة إرتفاعاً كبيراً فإن الموجات الكهرومغناطيسية ذات الطول الموجي الصغير تحمل طاقة حرارية كبيرة: موجات الأشعة فوق البنفسجية، و الحزمة الضوئية، و موجات الأشعة تحت الحمراء القصيرة. و نظراً لأن الأجسام الأرضية ذات درجات حرارة منخفضة فإن الطاقة الحرارية المنطلقة منها بالإشعاع تتركز في موجات الأشعة تحت الحمراء الطويلة.
إن الأطوال الموجية للأشعة فوق البنفسجية (UV) المنطلقة من على سطح الشمس أقصر من الأطوال الموجية لحزمة الضوء المرئي إلا أنها أطول من الطول الموجي للأشعة السينية (أشعة X). و تتراوح الأطوال الموجية للأشعة فوق البنفسجية (UV) من 200 نانومتر (nm) - النانومتر هو واحد على مليار من المتر - إلى 400 نانومتر. و يقوم الغلاف الجوي بمنع معظم الأشعة فوق البنفسجية (UV) من الوصول إلى سطح الأرض. فالأشعة فوق البنفسجية لها آثار مفيدة كما أن لها آثار مضرة بصحة الإنسان على حد سواء.
إن عين الإنسان حساسة للأشعة الشمسية التي تتراوح أطوالها الموجية من 400nm إلى 700nm. و يبصر الإنسان نتيجة إنعكاس هذه الأطوال الموجية من على سطح الأجسام الموجودة من حوله ثم سقوطها على عينيه. و يقوم النظام البصري في المخ بترجمة تلك الأشعة المنعكسة على العين إلى الظلال و الألوان التي ندركها. و الطاقة الشمسية المصاحبة للأطوال الموجية التي يبصرها الإنسان ينتج عنها ضوء و حرارة. إلا أن الأشعة تحت الحمراء القصيرة ينتج عنها حرارة و لا ينتج عنها ضوء مرئي للإنسان و تتراوح أطوالها الموجية من 700nm إلى 2,500nm. و معظم الإشعاع الحراري المنطلق من على سطح الأرض هو عبارة عن أشعة تحت حمراء طويلة تتراوح أطوالها الموجية من 8,000nm إلى 15,000nm. و لا يتأثر الإشعاع الحراري بالجاذبية الأرضية، و ينطلق من على أسطح الأجسام في كل الإتجاهات صعوداً و هبوطاً.
إن المواد تسمح بنفاذ و إمتصاص و إنعكاس الطاقة المصاحبة للأشعة الكهرومغناطيسية التي تسقط عليها بنسب تختلف بإختلاف كل طول موجي من الأطوال الموجية التي تتكون منها. فالأشعة من الممكن أن تنفذ خلال المواد. فعلى سبيل المثال نجد أن حزمة الأطوال الموجية للضوء الذي يراه الإنسان تنتقل بنسبة كبيرة عبر الزجاج الشفاف. و الطاقة الكهرومعناطيسية التي لم تنتقل تقوم المادة بإمتصاصها إو إنعكاسها بعيداً عن سطحها.
إن تصرف الإشعاع الحراري الساقط على المادة يتأثر بكلاً من نوع المادة و الطول الموجي للشعاع نفسه. فبينما الأطوال الموجية لحزمة الضوء المرئي من الأشعة الشمسية تنتقل بسبة كبيرة عبر الزجاج الشفاف، نجد أن الأطوال الموجية للأشعة تحت الحمراء الطويلة المنطلقة من على سطح الأرض لا تنتقل عبر نفس النوعية من ذلك الزجاج، و لكن بدلاً من ذلك يقوم الزجاج بإمتصاص الطاقة المصاحبة لها فترتفع درجة حرارته. و نتيجة لذلك يقوم بإعادة إشعاع تلك الطاقة التي قام بإمتصاصها إلى الداخل و الخارج.
الإشعاعية
إن قدرة الأجسام (على سبيل المثال الزجاج) على إشعاع الطاقة الكهرومغناطيسية تتأثر بمقدار إشعاعيتها، بشرط مواجهة أسطحها للهواء أو الفراغ. و بالتالي فإن الإشعاعية تعتبر خاصية من الخصائص السطحية للمواد. و الحرارة تنتقل بالتوصيل حتى تصل إلى سطح يمكنها من خلاله أن تنتقل بالإشعاع في الهواء أو الفراغ. و نظراً لأن الإشعاعية هي خاصية سطحية فإن قيمتها تتغير بتغير طبيعة المعالجة السطحية لنفس المادة. فإذا تم صنع لوحين من مادة واحدة و لكن تم صقل سطح إحداهما دون الآخر فإن إشعاعيتهما ستكون مختلفة. و قدرة الأجسام على الإشعاعية تتأثر بالطلاء كما تتأثر بالصقل، فمن الممكن أن تختلف إشعاعية أوجه نفس اللوح الزجاجي إذا تم طلي أحد أوجهه دون الوجه الآخر. فالإشعاعية المرتفعة تدل على أن ذلك السطح يمكنه إشعاع الطاقة الحرارية بسهولة، بينما الإشعاعية المنخفضة تدل على أن قدرته على الإشعاع محدودة.
عادةً المعادن المصقولة تتمتع بإنعكاسية مرتفعة إلا أن إشعاعيتها منخفضة. فعلى سبيل المثال إذا تم ترك مفتاح براغي في الشمس فإنه سوف يسخن إلى درجة لا يمكن معها لمسه بدون الإحساس بالألم. فبينما الأسطح المصقولة تعكس معظم أشعة الشمس الساقطة عليها إلا أن المقدار الذي تمتصه لا تتخلص منه عن طريق الإشعاع بسهولة. و إذا تم طلاء مفتاح البراغي باللون الأبيض فإن خصائصه السطحية سوف تتغير. فعادة الأسطح البيضاء تتمتع بإنعكاسية مرتفعة كما تتمتع بإشعاعية مرتفعة. و بالتالي فإن مفتاح البراغي يسظل بارداً نظراً لأن الإشعة الشمسية التي إمتصها سوف يعيد إشعاعها بسهولة.
 
شكل 10-3 الطيف الكهرومغناطيسي: يمثل الطيف الكهرومغناطيسي نطاق الأطوال الموجية التي من الممكن إن ينطلق منه أي شكل من أشكال الإشعاع الحراري. و بشكل عام نجد أن حزمة الأطوال الموجية فوق البنفسجية، و المرئية، و تحت الحمراء ذات أهمية قصوى في الإشعاع الحراري داخل المباني.


لا يُفضل بالضرورة إرتفاع أو إنخفاض الإشعاعية. فإنخفاض إشعاعية الزجاج تعمل على الحد من الفقد الحراري خلال الأسطح الزجاجية شتاءً. و المواد المستخدمة في تسطيح المباني ذات الإنعكاسية و الإشعاعية العالية تقلل من أحمال التبريد عن طريق إنعكاس نسبة كبيرة من أشعة الشمس الساقطة عليها و إعادة إشعاع النسبة الأخرى التي إمتصتها.
متوسط درجة الحرارة المشعة
سواءً أصبح الجسم أكثر برودة أو سخونة نتيجة التبادل الحراري بالإشعاع مع الأجسام المحيطة فإنه يتأثر بمتوسط درجة الحرارة المشعة. فمعدل تبادل الحرارة بالإشعاع بين جسمين ينتج عن فرق درجات الحرارة و الزاوية المشتركة بينهما.
بإفتراض وجود شخص يقف في منتصف غرفة مربعة بها نافذة كبيرة في أحد جدرانها و نافذة صغيرة على الجدار المقابل لها. فعندما يكون الجو الخارجي بارداً، نجد أن التبادل الحراري بالإشعاع بين ذلك الشخص و كلاً من الجدارين السابقين يختلفان إختلافاً ملحوظاً.
إن النوافذ الزجاجية ستكون أكثر برودة من أسطح الجدران المجاورة لها، و كلاً منهما سيكون أكثر برودة من درجة حرارة بشرة الوجه لذلك الشخص. و زاوية الرؤية بين الوجه و النافذة الكبيرة ستكون أكبر من الزاوية المماثلة مع النافذة الصغيرة. أما مقدار زوايا الرؤية مع الجدران المعتمة ستكون على عكس الزوايا السابقة. و بالتالي فإن الفقد الحراري بالإشعاع بين ذلك الشخص و الجدار ذو النافذة الكبيرة سيكون أكبر من الجدار الآخر ذو النافذة الصغيرة.
المناخ و الشمس
المناخ
إن راحة الإنسان تتأثر بالمناخ الخارجي، و تحدد الطريقة التي نسكن فيها المباني و الطريقة التي نقوم بتصميمها، كما تتأثر بها طبيعة النشاط الذي نبذله داخل هذه المباني. و خصائص المناخ الخارجي تتضمن البيانات الخاصة بدرجات الحرارة، و الرطوبة النسبية، و سرعة و إتجاه الرياح، و كثافة الغيوم في السماء، و معدل سقوط الأمطار. و يتضمن تكوين صورة كاملة عن المناخ إلقاء نظرة على التأرجح اليومي في درجات الحرارة بين قيمتها العظمى و الصغرى، و التغير الموسمي في معدلات سقوط الأمطار.
عادةً يتم إستخدام مصطلح "درجات التدفئة اليومية" للتعبير عن الأقاليم المناخية. و درجات التدفئة اليومية (HDD) هو مقياس تم إشتقاقه من البيانات اليومية لدرجات الحرارة. و الرقم الذي يعبر عن درجات التدفئة في اليوم هو الفرق بين درجة حرارة مرجعية - عادةً مقداره هو 65°F (18°C) - و متوسط درجة الحرارة الخارجية في ذلك اليوم. و لقد تم إختيار درجة الحرارة المرجعية ليكون مقدارها هو خمسة و ستون درجة حيث أن معظم المباني السكنية لا تحتاج إلى التدفئة عندما تكون درجة الحرارة الخارجية فوق ذلك المقدار. فإذا كان متوسط درجات الحرارة الخارجية في يوم ما و مكان ما هو 35°F فإن درجات التدفئة في ذلك اليوم هي 30°. و الطريقة التقريبية لمعرفة متطلبات التدفئة في ذلك المكان هي بتكرار تلك العملية الحسابية لكل يوم من أيام السنة و إيجاد مجموع تلك القيم.
يمكننا تحديد العديد من الأقاليم المناخية بأمريكا الشمالية إعتمادً على ذلك المعيار. و لتحقيق ذلك الهدف لابد من بذل مجهود كبير لعمل توازن بين التعقيد و التحديد. و لقد قامت وزارة الطاقة الأمريكية بتقسيم أمريكا الشمالية إلى خمسة أقسام مناخية، و ذلك التقسيم على الرغم من بساطته إلا أن له فائدة كبيرة. و يوجد إختلاف ملحوظ داخل كل قسم من هذه الأقسام، نظراً لتأثير الظروف المحلية عليها. و هذه الأقسام الخمسة هي كالتالي:
·         الأقاليم المناخية الباردة أو شديدة البرودة: و درجات التدفئة اليومية في هذه الأقاليم المناخية هي حوالي 5,400 درجة أو يزيد. و إذا تجاوزت مقدار 9,000 درجة فإن تلك الأقاليم تعتبر أقاليم شديدة البرودة. و تعتبر مدينتي سانت بول و مينيسوتا مثالين من أمثلة الأقاليم المناخية الباردة. و كلجاري، و ألبيرتا تعتبران مثالين من أمثلة الأقاليم المناخية شديدة البرودة.
·         الأقاليم المناخية الحارة الرطبة: معدل سقوط الأمطار السنوية على هذه الأقاليم يتجاوز 20 بوصة، و عدد الساعات التي تتجاوز فيها درجة الحرارة المبللة 67°F خلال الستة أشهر الحارة من السنة هي 3,000 ساعة، أو تتجاوز فيها درجة الحرارة المبللة 73°F لمدة تتجاوز 1,500 ساعة. و درجة الحرارة المبللة هي أقل درجة حرارة يمكن الوصول إليها عن طريق التبريد التبخيري فقط لا غير. و يدل إرتفاع درجة الحرارة المبللة على أن الهواء محمل بالرطوبة، و الفرصة المتاحة لتخفيض درجة الحرارة بالتبريد التبخيري محدودة.  و قدرة التبريد التبخيرى ضعيفة في تخفيض درجة الحرارة. و تعتبر مدينتي نيوأولاندز، و لويزيانا مثالين من أمثلة الأقاليم المناخية الحارة الرطبة.
 
شكل 10-4 في الشتاء، تنتقل إلينا الحرارة بالإشعاع من الأسطح الحارة و تنطلق من أجسامنا إلى الأسطح الباردة.


·         الأقاليم المناخية الحارة الجافة و المختلطة الجافة: إن معدل سقوط الأمطار السنوي في كلاً من الأقاليم المناخية الحارة الجافة و المختلطة الجافة لا يتجاوز 20 بوصة. و تعتبر المناطق التي لا يقل فيها متوسط درجة الحرارة الجافة في كل شهر من شهور السنة عن 45°F من الأقاليم الحارةالجافة. و مدينتي تيوسون، و أريزونا مثالين من أمثلة الأقاليم المناخية الحارة الجافة. و المناطق التي لا تتعدى فيها درجة التدفئة اليومية 5,400 درجة و يقل فيها متوسط درجة حرارة الجو الخارجي عن 45°F خلال شهور الشتاء تعتبر من الأقاليم المناخية المختلطة الجافة. و مدينتي البكوركي، و نيومكسيكو مثالين من أمثلة الأقاليم المناخية المختلطة الجافة.
·         الأقاليم المناخية المختلطة الرطبة: هي مناطق يتعدى فيها المعدل السنوي لسقوط الأمطار 20 بوصة، كما أن درجة التدفئة اليومية فيها لا تتعدى 5,400 درجة، و ينخفض فيها المتوسط الشهري لدرجات الحرارة الخارجية ليصل إلى أقل من 45°F خلال شهور الشتاء. و مدينتي ناشفيل، و تينيسي تعتبران مثالين من أمثلة الأقاليم المناخية المختلطة الرطبة.
·         الأقاليم المناخية البحرية المتوسطة: و هي أقاليم تتراوح فيها درجات الحرارة في أبرد شهر في السنة من 27°F إلى 65°F؛ و متوسط درجة الحرارة في أدفئ شهر في السنة لا يتعدى 72°F؛ و على أقل تقدير يتجاوز متوسط درجات الحرارة 50°F خلال أربعة شهور من السنة؛ و لا تهطل الأمطار خلال فصل الصيف؛ و الشهر الذي يشهد أشد معدل لهطول الأمطار يحدث في موسم الشتاء و مقداره يصل إلى أربعة أضعاف معدل سقوط الأمطار في باقي شهور السنة. و تغطي الأقاليم المناخية البحرية المتوسطة سواحل المحيط الأطلنطي من مدينة سياتيل بولاية واشنطن شمالاً إلى مدينة باربارا بولاية كاليفورنيا جنوباً. و في بعض المناطق تمتد إلى عمق الأراضي لمسافة تتراوح من 10 إلى 15 ميل.
إن كل إقليم من هذه الأقاليم المناخية من الممكن أن يتم تقسيمه إلى أكثر من إقليم مناخي. و يتوفر على موقع وزارة الطاقة الأمريكية الأقاليم المناخية المستخدمة في كود آشري رقم ASHRAE 90.1 الخاص بترشيد إستهلاك الطاقة العالمي. كما يتوفر على موقع الإدارة الوطنية للغلاف الجوي و المحيطات (NOAA) بيانات مناخية مفصلة لمجموعة من المواقع، و هي إدارة تابعة لوزارة التجارة الأمريكية. كما تتوفر على الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت) بيانات مناخية خاصة بمحطات الأرصاد الجوية المحلية، و هو برنامج مشترك بين الجامعات، و الولايات، و وكالات تابعة للحكومة الفيدرالية.
الشمس
إن الأرض تدور حول محورها القطبي دورة كاملة كل 24 ساعة. و في أي وقت من الأوقات نجد أن نصف الأرض معرض إلى أشعة الشمس و النصف الآخر في الظلام. و نظراً لأن سطح الأرض يتحرك حركة دورانية حول محورها فإن حدود الضوء و الظلام يستمر في التغير، و تبدوا الشمس على أنها تتحرك في السماء. و يتوقف موقع شروق و غروب الشمس في الأفق، و المسار التي تتحرك عليه في السماء، و يتوقف عدد الساعات التي تكون فيها موجودة فوق الأفق على المسافة التي تبعد المشاهد لحركتها عن مدار الإستواء، أو خط العرض الجغرافي الذي يقف عليه المشاهد؛ و توقيت المشاهدة من السنة.
إن المسافة التي تبعد الأرض عن الشمس تتغير تغيراً طفيفا، و يتوقف ذلك على موقع الأرض في مدارها السنوي حول الشمس. و على الرغم من ذلك فإنه ليس السبب في التغيرات المناخية الموسمية. فالتغيرات الموسمية سببها هو أن محور الأرض القطبي ليس عمودياً على مستوى مدار الأرض حول الشمس. و لذلك فإن كمية الأشعة الشمسية التي تصل إلى أي مكان على سطح الأرض تتغير بإستمرار على مدار العام.
إن محور الارض القطبي يميل بزاوية مقدارها 23.5 درجة عن الخط العمودي على مستوى مدارها حول الشمس. و مقدار ميل محورها يظل ثابتاً طوال العام أثناء حركتها حول الشمس. و يتسبب ذلك في تغيرات موسمية لزاوية إنحراف أشعة الشمس، و هي زاوية تعبر عن مقدار ميل أشعة الشمس على خط الإستواء في منتصف الظهيرة من كل يوم.
 
شكل 10-5 أقاليم آشري ASHRAE المناخية: تقسم منظمة آشري ASHRAE الولايات المتحدة الأمريكية إلى تسعة أقاليم مناخية. و تختلف متطلبات ترشيد إستهلاك الطاقة للمباني الجديدة بإختلاف الإقليم المناخي.
 
 
شكل 10-6 زاوية الإنحراف الشمسي وفصول السنة: محور الأرض القطبي يميل على الخط العمودي على مستوى مدار الأرض حول الشمس بزاوية مقدارها 23.5 درجة. و ذلك الميل هو سبب تغير فصول السنة على سطح الأرض.


للأسباب السابقة نجد أن الشمس تبدوا في منتصف السماء في ظهيرة يومي 21 مارس و 21 سبتمبر من كل عام. و يمثل ذلك توقيت الإعتدال الربيعي و الخريفي، و الذي يحدث في بداية فصل الربيع و فصل الخريف. و كلما تغير موقع الارض في مدارها حول الشمس كلما تغيرت زاوية الإنحراف الشمسي، و تصل إلى أقصى درجاتها يومي 21 يونيو و 21 ديسمبر من كل عام. ففي يوم 21 يونيو، و في منتصف الظهيرة نجد أن الشمس تقع في شمال خط الإستواء و تميل بزاوية 23.5 درجة عن المستوى الرأسي، أو بزاوية 66.5 فوق الأفق. و بالمثل فإن الشمس في 21 ديسمبر و في منتصف الظهيرة تجدها تقع جنوب خط الإستواء و تميل بزاوية 23.5 درجة عن المستوى الرأسي، أو بزاوية مقدارها 66.5 فوق الأفق. و جرت العادة على أن نعبر عن زاوية الإنحراف الشمسي بمقدار موجب عندما تكون في الشمال من خط الإستواء، و بمقدار سالب عندما تكون في الجنوب من خط الإستواء.
عندما تدور الأرض حول الشمس، فإن زاوية الإنحراف الشمسي تتغير من موجب 23.5 درجة في 21 يونيو إلى سالب 23.5 درجة في 21 ديسمبر، و تصبح زاوية الأنحراف مساوية للصفر في 21 سبتمبر و 21 مارس. و مدار السرطان و مدار الجدي هما حدود زاوية الإنحراف الشمسي في النصف الشمالي و النصف الجنوبي من الكرة الأرضية على التوالي.
لو كان محور الارض القطبي عمودي على مستوى مدار الأرض حول الشمس فسوف نجد أن الشمس سوف تسلك نفس المسار في السماء في كل يوم من أيام السنة، و سوف تشرق من إتجاه المشرق و تغرب في إتجاه المغرب، و تظل 12 ساعة فوق الأفق، و ذلك على أي مكان على سطح الأرض. و سوف لا نجد تغير في الفصول نظراً لأن كمية الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى أي مكان على سطح الأرض سوف يظل ثابتاً على مدار العام، و إن إختلف فسوف يختلف إختلافاً طفيفاً نتيجة التغير الطفيف في المسافة بين الأرض و الشمس أثناء حركتها السنوية في مدارها حول الشمس.
إن السبب في تغير الفصول خلال العام هو ميل محور الأرض القطبي. و بالتالي نجد أن موقع الشمس في السماء و كمية الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى أي مكان على سطح الأرض يتغير من يوم إلى آخر. و عندما تكون الشمس في منتصف السماء فإن الأشعة الشمسية تقطع أقصر مسافة خلال الغلاف الجوي حتى تصل إلى سطح الأرض. و عندما تكون الشمس منخفضة في السماء فإن الشعاع الشمس يقطع مسافة أطول خلال الغلاف الجوي، و ذلك حيث أن وتر المثلث دائما أطول من ضلعيه المقابل و المجاور. و أثناء مرور الأشعة الشمسية في الغلاف الجوي نجد أن نسبة من الأشعة تنعكس مرة أخرى إلى الفضاء الخارجي، و نسبة أخرى تقوم العناصر المكونة للغلاف الجوي بإمتصاصها و تشتيتها في السماء، و النسبة المتبقية التي تقطع الغلاف الجوي بالكامل يقوم سطح الأرض بإمتصاصها.
عندما نتحرك من القطب الشمالي في إتجاه المدار الإستوائي - عند نفس الإرتفاع من مستوى سطح البحر - نجد أن سطح الأرض يصبح أكثر دفئاً. و عند المدار الإستوائي نجد أن الأرض تستقبل أكبر قدر من الأشعة الشمسية مقارنة بأي مكان آخر على سطح الأرض، و ذلك نظراً لأن إرتفاع الشمس في السماء في منتصف الظهيرة دائما كبير، فزاوية الإرتفاع المقاسة من المستوى الأفقي تتغير على مدار العام من 66.5 درجة إلى 90 درجة. و بالمقارنة بمدينة واشنطون بولاية مقاطعة كولومبيا، نجد أن زاوية الإرتفاع الشمسي تتغير من 28 درجة تقريباً في منتصف يوم 21 ديسمبر إلى حوالي 75 درجة في منتصف يوم 21 يونيو. و الشمس في هذه المدينة لا توجد أبداً في منتصف السماء.
التصميم التقليدي وفقاً للمناخ
إن المباني التاريخية الدارجة كان يتم تشكيلها وفقا للظروف المناخية و بدون اللجوء إلى التبريد الميكانيكي أو الكهربائي. و قد بنى المستوطنين الأوائل في مدينة نيوإنجلاند بيوتهم من طابقين، و سطحهم العلوي مائل لإعادة توجيه الرياح الشتوية، و ذو مدخنة في منتصف المنزل لتعظيم الحفاظ على الحرارة داخل غرف المعيشة.
أما في مدينة فرجينيا فقد تم تحريك المدفأة من وسط المنزل إلى الجدران الخارجية، و تم تزويد تلك المنازل برواق داخلي للسماح بحركة الهواء بين الغرف. و بالذهاب أبعد من ذلك جنوباً نجد أن أرضيات المنازل في مدينة ميسيسبي و ألباما قد تم رفعها عن أرضية موقع البناء لزيادة معدلات التهوية. و تلك المنازل يحيط بها شرفات واسعة، يتم إستغلالها صيفاً كأماكن معيشة خارجية في نفس الوقت الذي تقوم فيه بتظليل الفراغات الداخلية.
 
شكل 10-7 التصميم الإقليمي في المناخ البارد: المنازل مكونة من طابقين بسطح علوي مائل لإعادة توجية الرياح الشتوية و المحافظة على الحرارة المتولدة من مدفئة في وسط المنزل.
 
شكل 10-8 التصميم الإقليمي في المناخ الحار الرطب: شكل المباني في جنوب أمريكا يسمح بالتهوية الطبيعية داخل المنزل و يوفر تظليل فراغاته الداخلية لحمايته من حرارة الشمس صيفاً.


أما المنازل في المناخ الحار الجاف في صحراء الجنوب الغربي الأمريكي - الذي يتميز بإرتفاع درجات الحرارة نهاراً و إنخفاضها ليلاً - فتكون على شكل حفرة يحميها تراب الأرض، أو مبنية من الطوب اللبن بحيث تكون جدرانها سميكة و نوافذها صغيرة. و الكتلة الحرارية التي تتميز بها الجدران المصنوعة من الطوب اللبن تعمل على إمتصاص الحرارة خلال النهار الحار. و من ثم تنتقل الحرارة بالتوصيل خلال هذه الجدران السميكة لتصل إلى أسطحها الداخلية بحلول المساء عندما تنخفض درجة حرارة الجو الخارجي لتدفئة الفراغ الداخلي في ذلك الوقت.
يمكننا تعلم الكثير بدراستنا لشكل المباني التقليدية المتوافقة مع المناخ. و ما زالت حماية الفراغات الداخلية للمباني من حرارة الشمس و تظليلها هي محور التصميم في الأقاليم المناخية الحارة و في فترات إرتفاع درجات الحرارة في الأقاليم المناخية الأكثر إعتدالاً. و مع ذلك فلم يتم نقل كل الأساليب التقليدية نقلاً مباشراً إلى التقنيات المتبعة في المباني الحديثة. و نجد على وجه التحديد تلك الحالة في إستعمال و إستغلال الكتلة الحرارية، و التي تلعب في المباني المعاصرة دوراً مختلف عن الذي لعبته في المباني التاريخية الدارجة. بالإضافة إلى أن بعض أنواع المباني الحديثة بمنتهى البساطة لم تكن موجودة قبل مائة عام.
المباني الموفرة للطاقة: نقطة الإتزان و نوع المبنى
درجة حرارة إتزان المبنى هي درجة الحرارة الخارجية المطلوبة لتحقيق درجة حرارة داخلية مريحة بدون إستخدام أي وسائل ميكانيكية للتبريد أو التدفئة. فعند درجة حرارة الإتزان نجد أن المكتسبات الحرارية من الإضاءة، و المعدات، و الأشخاص، و أشعة الشمس تتطابق مع الحرارة المفقودة من خلال غلاف المبنى تحت قوة تأثير فرق درجات الحرارة الخارجية و الداخلية.
 
شكل 10-9 التصميم الإقليمي في المناخ الحار الجاف: شكل المباني في الجنوب الغربي الأمريكي يساعد على حجب أشعة الشمس من الدخول إلى الفراغات المعمارية. و تقوم المواد المستخدمة في صنع كتلة المبنى الحرارية بإمتصاص حرارة الشمس و نقلها إلى داخل الفراغات المعمارية بحلول المساء عندما تنخفض درجة حرارة الجو الخارجي.


نجد في معظم المباني السكنية أن كمية الحرارة المتولدة داخل المبنى صغيرة نسبياً. و يتم الإشارة إلى هذه المباني بمصطلح المباني المحكومة بالأحمال الحرارية الخارجية، مما يعنى أن الظروف المناخية الخارجية التي تؤثر على غلاف المبنى هي أكبر عامل يحدد إحتياجات المبنى من تدفئة أو تبريد. فعندما تكون حالة الجو الخارجي باردة فينبغي أن يسمح المبنى بدخول الطاقة الحرارية و منع خروجها. و عندما تكون حالة الجو الخارجي حارة فينبغي أن يقوم المبنى برفض دخول أي حرارة إضافية تأتي من الشمس.
إن إتجاه النوافذ، و تصميم الغلاف الخارجي للمبنى، و إختيار مواد البناء الداخلية تحدد كمية الطاقة المستخدمة لتحقيق الراحة الحرارية. فالمنازل التي لم يتم تزويدها بنوعية مناسبة من العوازل الحرارية، و التي نوافذها تتكون من لوح زجاجي مفرد و إطارها من الألومنيوم قد تحتاج إلى بداية تشغيل أنظمة التدفئة عندما تنخفض درجة الحرارة الخارجية تحت 60°F. أما المباني السكنية التي تم تصميمها تصميماً جيداً و يتمتع غلافها الخارجي بأداء حراري مرتفع، و تحتفظ بخصائص عازلة جيدة، و بها نوافذ أدائها الحراري مرتفع، و لا تسمح بتسرب الهواء إلى داخل المبنى، و تم تزويدها بوسائل تمنع إنتقال الحرارة عبر الجسور الحرارية، يمكنها إستقبال و الإحتفاظ بكميات كافية من أشعة الشمس بحيث لا تنخفض درجة الحرارة الداخلية في المبنى لتصل إلى 68°F و تبدأ في تشغيل أنظمة التدفئة حتى تنخفض درجة الحرارة الخارجية و تصل إلى 30°F. و من خلال التصميم الجيد لوسائل التظليل و النوافذ القابلة للفتح و الغلق، يمكن أن يقوم غلاف المبنى بتغيير أداءه الحراري وفقاً لتغير فصول السنة. فتلك المرونة المصحوب بإستخدام مواد بناء داخلية ذات كتلة حرارية، و بالإضافة إلى الإستراتيجيتات الأخرى الموفرة للطاقة، يمكن من خلالها المحافظة على الراحة الحرارية داخل نفس المبنى عندما ترتفع درجة الحرارة الخارجية فوق 75°F.
أما في المباني الضخمة سواءً كانت تحتوي على مكاتب، أو محلات تجارية، أو أنشطة صناعية، أو أي نوع آخر من الإشغال، فإن الإضاءة الكهربائية، و المعدات، و كثافة الإشغال يتسببوا في توليد الحرارة داخل المبنى. و نسبة المساحة السطحية لغلاف المبنى إلى حجم الفراغات الداخلية في تلك النوعية من المباني تحد من تدفق الحرارة إلى الخارج. و بالتالي فإن معدات التدفئة الميكانيكية المطلوبة للمحافظة على درجة حرارة داخلية مقدارها 68°F سوف لا تبدأ في التشغيل حتى تنخفض درجة الحرارة الخارجية إنخفاضاً يصل إلى 20°F. و هذه المباني يطلق عليها مصطلح المباني المحكومة الأحمال الحرارية الداخلية، مما يعني أن الأحمال الحرارية الداخلية هي أكبر عامل يحدد إحتياجات المبنى من التدفئة أو التبريد.
إن تصميم غلاف المبنى لا يزال عامل مهم في المباني المحكومة بالأحمال الحرارية الداخلية. و مع ذلك فإن متطلبات غلاف المبنى قد تعمل على عكس المتوقع حدوثه مع الظروف الجوية الخارجية. ففي المباني المحكومة بالأحمال الحرارية الداخلية، نجد أن أفضل تصميم لغلاف المبنى قد يحتوي على نوافذ تمنع دخول أشعة الشمس حتى في منتصف الشتاء. و لذلك الفهم الصحيح لنقطة الإتزان يتضح من خلاله كيفية إختلاف حركة الطاقة الحرارية بين المباني الصغيرة و الكبيرة.